امهاتنا بين الماضي والحاضر /ملفينا ابومراد /لبنان

مشاركة في أكاديمية مملكة السلام الدولية اعداد و تقديم المحاضرة الدولية و الأمين العام للأكاديمية السفيرة د. امية الفرارجي ،تحت رعاية عميد الاكاديمية السفير الدولي الدكتور ماجد خليل.

مشاركتي المتواضعة

الدنيا امٌ
الوطنُ امٌ
الكون امٌ
الأرض امٌ
و الامُ امٌ
امٌ من امَّ،
و من امَّ فهو امَامُ ، و الإمَامُ يَكونُ في الأَمَامِ ، اي في المقدمة.
من تَحمِلُ، تَتَمَّخَّضُ، تَلِدُ الحياةَ أُمٌ.
الحياة نحن ، ابنائنا، احفادنا ،من الله النعمة و الرحمة وضعها في قلوبنا، قال القديس بولص الرسول المرأة تخلص بالامومة ،الامومة مقدسة فيها الاستمرارية بالروح التي يهبها الله في احشائها، فيها العطاء و التضحية التخلي عن الذات الأنانية لتنمي جنينها، مولودها ،طفلها، مراهقُ (المراهق من ارهق نفسه و من حوله في هذا السن ) بيتها بتوجيهه إلى ما هو في خيره و صالحه ليكون انسانا جيداً طيباً حنوناً رحوماً، رحيماً، يُدرِكُ الخير، و ينبذ الشر.


امهاتنا بين الماضي و الحاضر

الامُ امٌ في اي عصر وجدت يضع الله في قلبها الرحمة، من الرحم: و هو مستودع الخليفة...

_علما ان لكل قاعدة شواذها ليست كل امرأة اماً و لو ولدت، هذا النوع من النساء يتركنا أولادهن ربما على المربيات او الخدم و هن يتمتعنا بحياتهن، دون أي رقابة عليهم...
احيانا بالطلاق يتركن أولادهن عند ال الاب، او في مدارس داخلية، حتى لا أقول على الطرقات و في الشوارع...

سفر الامثال الاصحاح ١٤ ،اية ١
المرأة الحكيمة تبني بيتها. و الحمقاء تهدمه بيديها...

_الام التي ولدت لتكون اما في اي عصر وجدت ؟ تربي اولادها بما يرضيها و يرضي الله و كما تربت هي من مبدأ يا رضى الله ، يا رضى الوالدين...
الام في الماضي،
ساعود بالتاريخ الى مئة سنة منصرمة، تولد البنت، يحزن الاهل تربى بطريقة تختلف عن تربية الذكور، لا حب لا دلال،لا كلمة لطيفة، تعامل خادمة في منزل ابويها، تنشاء على الخنوع و الطاعة، لا مدرسة و لا تعليم، حتى الذكور حينها نادرا ما يتعلم احدا منهم، الكل عامل منذ نعومة اظفاره، و عند بلوغها يزوجونها إلى أول طالب زواج، تنتقل من خادمة في بيت ابويها، إلى خادمة في بيت زوجها و أهله، عليها الطاعة، الرجل هو السيد المطاع، تعمل بفم صامت ،تلد، في تربية اولادها السلطة فيها للجد و الجدة قبلها و زوجها، تعمل في بيتها، في الحقل، في الحياكة و وو، حتى نصل إلى منتصف القرن العشرين، البنت أصبحت في وعي اكثر تذهب إلى المدرسة لفترة قصيرة كما كانوا يقولون حتى تفك الحرف، إضافة إلى مساعدة امها في الأعمال المنزلية، في الحقول، في الحياكة، أشغال الإبرة، المساهمة في تربية اخوتها، ان كان أحدهم مريضا يتوجب عليها ترك المدرسة للعناية به أو بها حتى تتمكن امها من العمل في الحقول تكون لهم اما ثانية ... مع الوقت تترك المدرسة و الدراسة من مبدا :و هو /لما العلم و التعليم للبنت ؟ حتى تعلق شهاداتها في المطبخ، او حتى تكتب و تقراء رسائل الغرام تتفتح على ما لا يجب أن تعرفه قبل الزواج... انه الجهل
الجزء الثاني
في الربع الثالث من القرن العشرين، اختلف الأمر كليا ،البنت التي تلقت من العلم اليسير، و أحيانا الكثير ، تسعى إلى تعليم بنتها او بناتها، تخلصت من سلطة اهل الاب، تتوافق مع زوجها لما فيه مصلحة العائلة، لان الزوج يكون قد تعلم ايضا، كلاهما يسعيان للأفضل و الأنسب للعائلة، بنت متعلمة، ام واعية مدركة، جيل متعلم، حينها دخلت البنت أو المرأة سوق العمل خارج المنزل مع التخلي التدريجي عن العمل في الحقول، نافست الرجل في مواقع كثيرة، تفوقت عليها في أماكن متعددة، من جزء من مجتمعها الجاهل ، حوربت تعرضت للتنمر... و منهن بقينا على العقلية البائدة لا الرائدة و القائدة ...

ثم تغيرت نظرة و نظريات الحياة، أصبحت المرأة الام طبيبة، مهندسة ، محام، قاض، مدير مصرف، نائب في البرلمان، وزير، و في دول غير عربية طبعا رئيسة للجمهورية و رئيسة للحكومة ....
اما السر الاهم و الاعم اختلف بتربية الاولاد، بعد انفتاحهم من جسر العلم و التعلم إلى التكنولوجية، تغيرت مفاهيم التربية و الأخلاق، في الشرق نحن ارحم من الغرب، لايزال الولد او البنت عندنا يحترم مبادئ الاهل، لكن بعد الكثير من الجدل و الإقناع و الاقتناع، لما غيري افضل مني، لما غيري تسهر و انا لا، لما غيري تسافر و انا لا، احترام الاهل و مشيئتهم في مواقف كثيرة تهمل، يعمل الولد ما يريده و لو وجد على البرزخ إلى حد السقوط في الهاوية، رغم التحذير، يقول علي ان اجرب بنفسي....
حنان الأم هو هو، محبتها هي هي، تخاف على اولادها، تحزن، تبكي، ثم تسلم أمرها و امر اولادها إلى الله.

وهل باتت تواجه خطر الانقراض بعدما توزعت اهتمامات ست الحبايب بين البيت والعمل؟

التربية تختلف طبعا من جيل إلى جيل، ما تربينا عليه نحن، يختلف عن ما ربينا عليه ابنائنا، و الآن عنما يتربى عليه احفادنا... لكل ان أوان و مفاهيم و تعاليم ،فيه القليل من السلف، و الابتكار من الحاضر و العلم عند الله في المستقبل..

وهل أمُ زمان أفضل من الآن؟

في التربية و حسنها نعم، رغم جهل امِ زمان بالعلم و المعرفة، كانت تربي بالفطرة، حنانا مكبوتا، قساوة مفطرة من رايها :من أحب ولده اكثر من ضربه ليفرح به فيما بعد، تربت على الامثال و عملت بمضمونها...

وماذ تريد الأم في يوم عيدها؟
الامان و السلام لأبنائها ، ان يعودوها من وقت لاخر، ان يكلموها من وقت لاخر، لان الاولاد في زمننا هذا متفرقون ، كل في بلد حسب ما يتطلب رزقه، اليوم كل الجيل متعلم، يسافر لطلب الرزق، هجرة ثم جنسية، في خضم الحياة ينسى كل ما يتعلق في وطنه حتى ابويه...

وماذا تفعل الابنة الأم التي تربت على تقاليد والدتها ومطالبة باتباع أساليب تربوية معاصرة في التعامل مع أولادها؟

اذا لم او لا تكن مدركة ما جرى و يجري تضيع ، تصبح ككرسي مهجور في ركن مظلم، الولد ذكي يدرك الضعف في الفكر و الشخصية عند الاهل يتعامل مع الحياة كما هو يريد ، ختصة اذا كان متمرداً.... 

ما تقول لامك و كيف يكون البر بها؟
امي رحمها الله كانت عصامية لم تكن تعرف حتى كتابة اسمها او قرائته، سعت لتعليمنا، اوصلتنا بفضل حنكتها و حكمتها الى ما وصلنا اليه.
رحمك الله يا أمي اقول عنها كما ورد في سفر يشوع بن سراخ :٣/٣٠ :من علم ابنائه يحسده اعداؤه، و بين أصدقائه يبتهح بهم.

كل عام و كل الُأُمهات بالعالم بخير 

ملفينا ابومراد
لبنان
٢٠٢٢/٣/٢٢
.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صدور النسخة الاولى لاالبوم روائع الكلمات للشاعرة والدكتورة والسفيرة//شيرين ابوزهره